الملوك الثاني 5 - المعنى الصحيح لإنجيل المسيحالقائد نعمان يُشفى من البرص 1 كان نُعمان قائد جيش مملكة آرام في بلاد الشام، وأكرمه سيّده ملك آرام كثيرا، لأنّ الله ثبت عزمه فحقّق لمملكته نصرًا كبيرا. ورغم أنّه محارب شديد البأس، إلاّ أنّه كان يعاني من البرص. 2 وذات يوم خرج بعض الجنود إلى الغزو، وسبوا فتاة صغيرة من مملكة السامرة، وأصبحت من خدم زوجة نُعمان. 3 وذات مرّة قالت لمولاتها: "ليت سيّدي يتّجه إلى بلدي ليشفيه نبي هناك من برصه!" 4 فأخبر نعمان سيّده الملك بما قالت الفتاة. 5 فأجابه الملك: "لا بدّ أن تذهب إلى ملك السامرة واحمل معك هذه الرسالة". فأخذ نعمان معه ثلاثين ألف قطعة من الفضّة وستّة آلاف قطعة من الذهب، وعشر حلل من الثياب، وانطلق. 6 وكان مضمون الرسالة ما يلي: "أرسلتُ إليك نُعمان قائد جيشي مع هذه الرسالة، فأرجو منك أن تشفيه من برصه". 7 وعندما قرأ ملك السامرة ما جاء في هذه الرسالة، مزّق ثيابه من هول الفاجعة، وقال: "كيف يطلب مني هذا الرجل أن أشفي مصابا بالبرص؟ هل أحلّ محل الله المحيي المميت؟ لا شكّ أنّه يريد أن يحرّضني ليبرّر اجتياحه لبلادنا!" 8 فلمّا سمع النبي اليسع (عليه السّلام) بكلّ ما جرى، أرسل إلى ملك السامرة يقول: "لماذا ارتعبت يا مولاي؟ أرسل نعمان إلى هنا، فيعلم علم اليقين أنّ نبيّا حقيقيّا يوجد في مملكة السامرة!" 9 فأقبل نعمان بخيله ومركباته وعندما وصل إلى بيت النبي اليسع، وقف عند الباب. 10 ولم يخرج النبي اليسع للقائه وإنّما أرسل إليه خادمه ليقول له: "اِذهبْ إلى نهر الأردنّ واغتسلْ في مياهه سبع مرّات، فيتعافى جسمك ويزول عنك البرص". 11 فانتاب نعمان غضب شديد وأخذ يتمتم: "لماذا لم يخرج للقائي؟ كنتُ أحسب أنّه يقف أمامي ويتضرّع باسم ربّه، ويلوّح بيده فوق موضع البرص، فيشفيني. 12 إنّ مياه نهري دمشق: أبانة وفَرفَر، أفضل من كلّ أنهار مملكة السامرة! لِمَ لا أغتسل فيهما، فأشفى؟" ومضى في غضبه. 13 فلحق به الرجال المرافقين له قائلين: "يا سيّدنا، لو طلب منك هذا النبيّ أمرا عسيرا، أما كنتَ فاعله؟ ألا يجدر بك طاعة أمره فتغتسل، وتُشفى؟" 14 فاتّجه نُعمان إلى نهر الأردنّ، واغتسل في مياهه سبع مرّات، كما أمره النبي اليسع، فتعافى جسمه وعاد جلده نضرا كطفل صغير. 15 ثمّ اتّجه نعمان ورجاله إلى النبيّ اليسع، ولما وقفوا أمامه قال نعمان: "أنا على يقين الآن أن الله الّذي تعبدونه هنا، هو الأحد الصمد لا إله إلاّ هو في الأرض كلّها، فيا سيّدي أرجوك أن تقبل منّي هذه الهديّة". 16 أجابه اليسع (عليه السّلام): "أنا عبد الله الحيّ القيّوم، وأُقسم به تعالى لن أقبل هدايا". ورفض النبي اليسع كل الهدايا، رغم أنّ نعمان ألحّ عليه. 17 فقال نُعمان: "لكن يا سيّدي، لقد قررتُ أن أعبد الله ربّكم، فاسمح لي بأخذ كميّة من تراب أرضكم، وعليه أقدّم القرابين والأضاحي لله دون سواه. 18 لكن أرجو من الله أن يغفر لي أمرا واحدا، فإذا رافقتُ ملك آرام ليسجد في معبد الإله رِمّون، وسند نفسه على كتفي فسأضطر للسجود معه، فليت الله يغفر لي هذا الأمر". 19 فطمأنه النبي اليسع: "لا عليك، اِذهبْ في أمان الله". ومضى نُعمان في طريقه، ولمّا ابتعد مسافة قصيرة، 20 قال جيحَزي خادم النبي اليسع في نفسه: "ما خطب مولاي! كان ينبغي أن يأخذ الهدايا من الآرامي! أقسم بالله إنّي أقتفي أثره وآخذ منه بعض الهدايا". 21 فركض جيحَزي وراءه، وعندما تفطّن إليه نعمان نزل عن مركبته، وقال له: "خيرٌ قدومك إن شاء الله!" 22 فأجابه جيحَزي: "كلّ الخير، لقد أرسلني إليك سيّدي لأخبرك أنّ اثنين من جماعة المتصوّفين المنجذبين بالروح قد وصلوا الآن من جبل أفرايم يطلبون مساعدة، قيمتها ثلاثة آلاف قطعة من الفضّة وحُلّتين من الثياب". 23 فأجابه نعمان: "لك ما طلبت، ولكن خذ ضعف الفضة إن شئت!" ولمّا ألحّ عليه، صرّ الفضّة في كيسَين مع حُلّتَين من الثياب، وأمر اثنين من خدمه أن يحملاهما ويرافقا جيحَزي. 24 ولمّا وصلوا القلعة الّتي يقيم فيها اليسع (عليه السّلام)، صرف جيحَزي الخادمين بعد أن أخذ منهما الكيسَين وأخفاهما في البيت. 25 ثمّ ذهب إلى النبي اليسع، الّذي بادره بالسؤال: "أين كنت يا جيحَزي؟" فأجابه: "ما ذهبتُ إلى أيّ مكان يا سيّدي". 26 لكن النبي اليسع أجابه صارمًا: "ألا تعلم أنّ روحي سبقتك إلى هناك حين نزل نُعمان عن مركبته لاستقبالك؟ هل تستغلّ مناسبة كهذه لتستولي على المال فتشتري به بساتين وزياتين وكروم وغنم وبقر وخدم؟ 27 ولأنّك فعلتَ ما فعلتَ، فإنّك تعاني أنت ونسلك من برص نُعمان إلى الأبد!" وقبل أن يهمّ جيحَزي بالمغادرة أصبح جلده أبرص كالثلج. |
© 2021, Al Kalima
Al Kalima