Biblia Todo Logo
الكتاب المقدس على الانترنت
- إعلانات -

رومية INTRO1 - المعنى الصحيح لإنجيل المسيح

1

مدخل
من المحتمل أنّ الحَواري بولس قد كتب هذه الرّسالة في أواسط الخمسينيَّات من القرن الأوّل، وعلى الأرجح أنّه كتبها بين السنتين 55 و57 للميلاد. وربّما كتبها خلال رحلته الدّعَوية الثالثة عندما كان في كورنتوس (وهذه الرحلة ذُكرت في الفصل 20 من سيرة الحواريين).
ولم يحدث أن زار بولس روما من قبل، لكنه كان يعرف العديد من الأصدقاء المؤمنين فيها، وكان يتوق لزيارة تلك المدينة منذ سنواتٍ. ويبدو أنّ غرض بولس من كتابة هذه الرسالة هو التعريف بنفسه، استعدادا للزيارة التي ينوي القيام بها إلى روما، بعد أن يوصل المساعدات إلى فقراء المؤمنين بمدينة القدس (انظر هذه الرسالة 15: 31- 32). ومن المرجّح أيضًا أنّ بولس أراد أن يجعل روما قاعدة لما ينوي فعله في المستقبل، بما في ذلك الدعوة إلى رسالة السيد المسيح في إسبانيا (انظر هذه الرسالة 15: 28)، فروما كانت في تلك الفترة عاصمة الإمبراطورية الرومانية إضافة إلى كونها أكبر المدن وأهمّها. وكان هدف بولس أيضا أن تنتشر هذه الرسالة بين مختلف مجموعات المؤمنين الذين كانوا يلتقون آنذاك في بيوت في مختلف أنحاء روما.
ومن المهمّ أن نفهمَ الخلفية التي أَطَّرت كتابة بولس لهذه الرسالة. فقد تناول في رسالته إلى أحباب الله في مقاطعة غلاطية الخلاف الذي وقع في أنطاكية بينه وبين يهود مدينة القدس (انظر رسالة غلاطية، الفصل الثاني). وكان يهود مدينة القدس يصرّون على إخضاع أتباع السيد المسيح من غير اليهود لعاداتهم وتقاليدهم بشكل ظاهر (مثل الختان، وشعائر الأكل، ومراعاة السبت) ليتمّ، حسب زعمهم، قبولهم عند الله بشكل كامل كجزء من شعب الله المختار، ولكن بولس عارضهم بشدّة وأصرّ على أن الإيمان بسيدنا عيسى المسيح (سلامه علينا) هو الشرط الوحيد للانتماء إلى أمّة الله. ومنذ ذلك الوقت أخذ بولس ينتقد الدعاة المخادعين الذين ادّعوا أنّهم حواريو السيد المسيح، وقد كانوا من يهود فلسطين. وكان شاغل هؤلاء الدعاة هو أن يتّبع المؤمنون من غير اليهود كل تقاليد اليهود وممارساتهم إذا رغبوا في الانضمام إلى شعب الله المختار. ولقد حرص بولس على أن تظلّ العلاقة طيّبة بين أتباع السيد المسيح من اليهود وإخوانهم من غير اليهود. وهكذا عمل بولس في الفترة التي سبقت كتابته للرسالة إلى مؤمني روما على جمع التبرعات من مؤمني الجماعات التي أسسّها، قصد إيصالها إلى فقراء مؤمني مدينة القدس، تعبيرًا عن وحدة المؤمنين.
يتطرّق بولس في رسالته إلى مؤمني روما إلى الموضوع نفسه الذي سبق أن تطرق إليه في رسالته إلى مؤمني غلاطية (انظر مدخل رسالة غلاطية)، إلاّ أنّ تناوله للموضوع في هذه الرسالة كان أكثر شمولاً. فمن الواضح أن خطابه غالبا ما كان يوجّهه إلى أتباع السيد المسيح من غير اليهود الموجودين في روما، وهيمن موضوع العلاقة بين اليهود وغير اليهود على الرسالة، بالإضافة إلى مسائل أخرى من قبيل طرح هوية من ينتمي حقًّا إلى أمّة الله، وطبيعة الرسالة السماوية التي لم تعد تقتصر على اليهود بالرغم من أنها ما تزال تعتبر وضعهم متميّزًا. إنها مسألة هامة حين نعلم أن عدد اليهود في روما كبير، إذ كانوا يعدّون بعشرات الآلاف، وكان بعضهم يؤمنون برسالة السيد المسيح. فقد كان في روما ما لا يقلّ عن ثلاثة عشر بيت عبادة لليهود، إضافة إلى أنّ عددًا كبيرًا من غير اليهود كانوا يميلون إلى تعاليم الديانة اليهودية، إلا أن معظم هؤلاء ينفرون من عملية الختان التي كانوا يعتبرونها تشويهًا للجسد، فكان إقبالهم كبير على شكل جديد من الإيمان التوحيدي الذي يعفيهم من مسألة الختان، ويكون أقل ارتباطا بالهوية اليهودية.
وربما كان من بين دوافع كتابة هذه الرسالة التنافس الذي حدث بين أفراد من المؤمنين من غير اليهود وآخرين من اليهود حول قيادة الجماعات، خاصّة إثر عودة المؤمنين من اليهود في زمن حكم الإمبراطور نيرون إلى روما، بعد أن طرد الإمبراطور كلوديوس كل اليهود منها في حوالي سنة 49 للميلاد. وقد كانوا يشرفون على بيوت العبادة بأنفسهم قبل طردهم، وعندما رجعوا إلى روما وجدوا بعض المؤمنين من غير اليهود قادةً للجماعات، فحصل هذا التوتر الذي يشير إليه بولس في هذه الرسالة.
وعندما آمن بولس أنّ سيدنا عيسى (سلامه علينا) هو المسيح الملك المنتظَر، لم يعتبر ذلك تحوّلاً من اليهودية إلى ديانة جديدة، بل اعتبر إيمانه الجديد ختام مقاصد التعاليم اليهودية التي ترعرع فيها. ولم يشعر بولس مطلقا أنه تخلّى عن هويّته اليهوديّة أو أنه أسّس ديانة جديدة، بل أعلن أن إنتماء الإنسان إلى أُمّة الله، وحصوله على نصيبه من ميراث الوعود التي أعطاها الله إلى النبي إبراهيم (عليه السّلام)، مسألة غير مشروطة بخروجه من اليهوديّة أو إنتمائه إليها، بل إنّها مسألة مشروطة بتوكّله الكامل على الله تعالى من خلال رسالة سيدنا عيسى المسيح.

© 2021, Al Kalima

Al Kalima
تابعنا:



إعلانات