الملوك الأول INTRO1 - المعنى الصحيح لإنجيل المسيحمدخل يرجّح أنّ فترة حكم النّبي سليمان (عليه السلام) امتدّت من سنة 970 ق.م إلى سنة 931 ق.م، واشتهر بقضائه وحكمته. وذكر المؤرّخ اليعقوبي في تاريخه أنّ النّبي سليمان: "كان يجلس للقضاء ويحكم بين بني إسرائيل فيعجبون لحكمه وعدل قضائه وقوله وحسن لفظه".#1.0 اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، بيروت، د.ت.، ج 1، ص 53. وخلف النبي سليمان أباه النبي داود على العرش. ويذكر اليعقوبي أنّ النّبي سليمان شرع في بناء بيت الله المقدّس وقال: "إنّ الله أمر أبي داود أن يبني بيتا، وإنّ داود شغل بالحروب، فأوحى الله إليه: إن ابنك سليمان يبني البيت باسمي".#1.0 اليعقوبي، ج 1، ص 54. وكان هذا البيت أوّل مقام قار مخصّص لعبادة الله في القدس، حيث كان بنو يعقوب قبل ذلك يتعبّدون عند خيمة بيت الله التي أقامها النّبي موسى بأمر من الله. وكان النّبي سليمان الملك الثّالث لبني يعقوب، إلاّ أنّه بعد وفاته انقسمت المملكة إلى قسمين، فانضمّت عشر عشائر من بني يعقوب إلى المملكة الشّمالية وعاصمتها مدينة السّامرة، بينما حكم ذرّية النّبي سليمان في القدس مملكة يهوذا الجنوبيّة. وانضمت إلى حكمهم عشيرة يهوذا وعشيرة بنيمين، إضافة إلى رجال الدّين من عشيرة لاوي. عُرف النبي سليمان بكونه ذا سلطة وحكمة وغنى يفوق ما حظي به كل الملوك الذين سبقوه (انظر سورة ص: 35). ولكنّه عندما بلغ الكبر خضع للضّعف الإنساني. ووردت عدّة روايات في الكتاب المقدّس تصف هذا الضعف بالتفصيل، فعلى سبيل المثال جاء في التوراة في سفر التثنية 17: 16-17 أنه ينبغي على الملك ألاّ يكثر من الخيل ولا من الزوجات وألاّ يدّخر كميّات كثيرة من الفضّة والذهب. والنّبي سليمان (عليه السلام) عندما فعل ذلك حدثت له عدّة مشكلات. وجاء في القرآن ذكر لقول النبي سليمان عندما اعترف أنّ حبّه للخيرات صرفه عن ذكر الله، في سورة ص: 31-33. ويذكر الطّبري في تاريخه كيف أنّ أحد مستشاري النّبي سليمان يدعى آصف بن برخية اتّجه إلى النّبي سليمان: فأتاه فقال: يا نبيّ الله، كبرت سنّي، ودقّ عظمي ونفد عمري، وقد حان مني الذهاب. وقد أحببت أن أقيم مقاما قبل الموت أذكر فيه من مضى من أنبياء الله، وأثني عليهم بعلمي فيهم، وأعلّم الناس بعض ما كانوا يجهلون من كثير من أمورهم، فقال: افعل، فجمع له سليمان النّاس، فقام فيهم خطيبا، فذكر من مضى من أنبياء الله، فأتى على كلّ نبي بما فيه، وذكر ما فضله الله به، حتّى انتهى إلى سليمان وذكره فقال: ما كان أحلمك في صغرك، وأورعك في صغرك، وأفضلك في صغرك، وأحكم أمرك في صغرك، وأبعدك من كل ما يُكره في صغرك.#1.0 الطبري، تاريخ الرسل والملوك، دار التراث، بيروت، 1387هـ، ج 1، ص 497. ويروي الطّبري بعد ذلك كيف عاتب مستشار النّبي سليمان إذ سمح بعبادة الأصنام في قصره. ويختلف هذا التصوير المتوازن للنّبي سليمان عن الأوصاف المتعلّقة به في الآداب الهيلينية المتأخّرة، حيث يتمجّد كونه يمارس السّحر وإخراج الشياطين والجنّ بمهارة. وأدّت تلك القصص إلى توظيف اسم النبي سليمان من قبل الوثنيّين في العصر الهيليني في التعاويذ والرُقى. أمّا قصّة ملكة سبإ (وتدعى بلقيس عند القصّاص والمحدّثين) وزيارتها للنّبي سليمان فهي قصيرة جدّا في الكتاب المقدّس، لكنّ النّاس طوّروها فيما بعد وألحقوا بها تفاصيل إضافية إلى درجة أنّه ورد في التقليد الأثيوبي اليهودي والمسيحي أنّ سليمان عاشر بلقيس فأنجبت ولدا اسمه مناليك الذي أصبح أوّل ملك أكسوم، وأسّس سلسلة ملوك أثيوبيا التي استمرّت حتّى سقوط الملك هيلا سيلاسي سنة 1974. ويُنسب إلى سليمان كتاب يدعى سفر الجامعة (أي كتاب الخطيب الحكيم). وجاء في هذا الكتاب أنّ النبي سليمان في آخر عمره اقتنع أنّ السّعي وراء الإنجازات البشريّة والحكمة والتّسلية كلّها مجرّد ((هباء في هباء)). وخلاصة فكره في هذا الكتاب كما يلي: ((هذا يا ولدي ما خلصت إليه من تأملاتي: اتّق الله واعمل بوصاياه، فقد فرض ذلك على جميع رعاياه. والله يجزي كل إنسان على ما أتاه، سرّا كان أم جهرا، حسنات كانت أم سيّئات)) [كتاب الخطيب الحكيم 12: 13-14]. |
© 2021, Al Kalima
Al Kalima