وَقُلْتُمْ: ’لَا، بَلْ نَذْهَبُ إِلَى مِصْرَ وَنُقِيمُ فِيهَا، وَهُنَاكَ لَا نَرَى حَرْبًا وَلَا نَسْمَعُ صَوْتَ بُوقٍ وَلَا نَجُوعُ إِلَى خُبْزٍ.‘
قَائِلِينَ: لَا بَلْ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ نَذْهَبُ، حَيْثُ لَا نَرَى حَرْبًا، وَلَا نَسْمَعُ صَوْتَ بُوقٍ، وَلَا نَجُوعُ لِلْخُبْزِ، وَهُنَاكَ نَسْكُنُ.
قائلينَ: لا بل إلَى أرضِ مِصرَ نَذهَبُ، حَيثُ لا نَرَى حَربًا، ولا نَسمَعُ صوتَ بوقٍ، ولا نَجوعُ للخُبزِ، وهناكَ نَسكُنُ.
قَائِلِينَ: لَا بَلْ نَنْطَلِقُ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ حَيْثُ لَا نَشْهَدُ قِتَالاً، وَلا نَسْمَعُ نَفِيرَ بُوقٍ، وَلا يُعْوِزُنَا خُبْزٌ، فَنَمْكُثُ هُنَاكَ،
وقلتُم: لا بل نذهَبُ إلى أرضِ مِصْرَ، حيثُ لا نرَى حربا ولا نَسمَعُ صوتَ بوقٍ، ولا نَجوعُ إلى خُبزٍ ونُقيمُ هُناكَ.
وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَهُمَا: ”لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ اللهِ فِي مِصْرَ! فَهُنَاكَ كُنَّا نَجْلِسُ حَوْلَ قُدُورِ اللَّحْمِ، وَنَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى نَشْبَعَ، لَكِنَّكُمَا أَخْرَجْتُمَانَا إِلَى هَذِهِ الصَّحْرَاءِ لِتُمِيتَا هَذِهِ الْجَمَاعَةَ كُلَّهَا مِنَ الْجُوعِ.“
وَلَكِنَّ الشَّعْبَ كَانَ عَطْشَانَ لِلْمَاءِ هُنَاكَ، فَتَذَمَّرُوا عَلَى مُوسَى وَقَالُوا: ”لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْرَ لِتُمِيتَنَا نَحْنُ وَأَوْلَادَنَا وَمَوَاشِيَنَا بِالْعَطَشِ؟“
وَقُلْتُمْ: ’لَا، بَلْ نَهْرُبُ عَلَى خَيْلٍ!‘ لِذَلِكَ تَهْرُبُونَ. وَقُلْتُمْ: ’نَهْرُبُ رَاكِبِينَ عَلَى خَيْلٍ سَرِيعَةٍ!‘ لِذَلِكَ يَكُونُ الَّذِينَ يُطَارِدُونَكُمْ أَسْرَعَ مِنْكُمْ.
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ إِلَى مِصْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَشِيرُونِي، الَّذِينَ يَلْجَأُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ لِيَحْمِيَهُمْ، وَإِلَى مِصْرَ لِيَسْتُرَهُمْ ظِلُّهَا.
يَا وَيْلَ مَنْ يَنْزِلُونَ إِلَى مِصْرَ طَلَبًا لِلْمَعُونَةِ. وَيَتَّكِلُونَ عَلَى الْخَيْلِ، وَيَثِقُونَ فِي كَثْرَةِ الْمَرْكَبَاتِ، وَفِي قُوَّةِ الْفُرْسَانِ، وَلَا يَرْجِعُونَ إِلَى الْقُدُّوسِ رَبِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا يَطْلُبُونَ مَعُونَةَ اللهِ.
يَا عَذَابِي، يَا عَذَابِي! إِنِّي أَتَلَوَّى مِنَ الْأَلَمِ! قَلْبِي يُوجِعُنِي! قَلْبِي يَرْتَجِفُ فِي دَاخِلِي! لَا أَقْدِرُ أَنْ أَسْكُتَ لِأَنِّي سَمِعْتُ صَوْتَ الْبُوقِ وَصَيْحَةَ الْحَرْبِ.
حَتَّى مَتَى أَرَى رَايَةَ الْحَرْبِ، وَأَسْمَعُ صَوْتَ الْبُوقِ؟
وَسَارُوا حَتَّى تَوَقَّفُوا فِي خَانَ كِمْهَامَ بِالْقُرْبِ مِنْ بَيْتَ لَحْمَ، فِي طَرِيقِهِمْ لِيَلْجَأُوا إِلَى مِصْرَ،
فَلَمْ يُطِيعُوا اللهَ، بَلْ ذَهَبُوا إِلَى مِصْرَ، وَنَزَلُوا فِي تَحْفَنِيسَ.
لِمَاذَا جَاءَ بِنَا اللهُ إِلَى هَذِهِ الْأَرْضِ لِنَمُوتَ بِالسَّيْفِ، وَتَصِيرَ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً لِلْعَدُوِّ؟ أَحْسَنُ لَنَا أَنْ نَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ!“
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ”نَخْتَارُ لَنَا قَائِدًا وَنَرْجِعُ إِلَى مِصْرَ.“
أَلَا يَكْفِيكَ أَنَّكَ أَخْرَجْتَنَا مِنْ أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا، لِتُمِيتَنَا فِي الصَّحْرَاءِ؟ وَالْآنَ تُرِيدُ أَنْ تَتَسَيَّدَ عَلَيْنَا؟
ثُمَّ إِنَّه يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ خَيْلٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُرْسِلَ النَّاسَ إِلَى مِصْرَ لِيَحْصُلَ عَلَى خَيْلٍ كَثِيرَةٍ، لِأَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَرْجِعُوا إِلَى هُنَاكَ.
فَمِثْلُ هَذَا الشَّخْصِ إِنْ سَمِعَ كَلَامَ هَذَا الْقَسَمِ، وَبَارَكَ نَفْسَهُ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: ”أَنَا فِي أَمَانٍ، حَتَّى وَلَوْ تَصَرَّفْتُ بِقَلْبٍ عَنِيدٍ.“ فَإِنَّهُ يُسَبِّبُ هَلَاكَ الْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ مَعًا.